وسط تعهدات إنسانية.. انطلاق البرنامج الوطني لترحيل المهاجرين من ليبيا

وسط تعهدات إنسانية.. انطلاق البرنامج الوطني لترحيل المهاجرين من ليبيا
ترحيل المهاجرين

أطلقت وزارة الداخلية في ليبيا المرحلة الأولى من البرنامج الوطني لترحيل المهاجرين إلى بلدانهم الأصلية، معلنة بدء التنفيذ بترحيل مجموعة من حاملي الجنسية النيجيرية عبر مطار معيتيقة الدولي في طرابلس. ويمثل هذا الإجراء باكورة خطة أمنية متكاملة تهدف إلى مواجهة الهجرة غير النظامية التي تضغط منذ سنوات على قدرات الدولة الليبية وتربك مشهدها الداخلي.

وأكدت وزارة الداخلية في بيان صدر مساء الثلاثاء، اطلعت عليه "جسور بوست"، أن البرنامج يستند إلى رؤية حكومية تسعى لتنظيم أوضاع المهاجرين غير النظاميين وفرض سيادة القانون وحماية الأمن القومي، مع الالتزام بضمان الحد الأدنى من المعايير الإنسانية خلال عمليات الترحيل.

وتشير الوزارة في بيانها إلى أن الرحلات ستتواصل بوتيرة يومية ضمن خطة شاملة تستهدف معالجة ملف الهجرة والحد من التدفقات غير الشرعية عبر الأراضي الليبية التي تحولت إلى نقطة عبور رئيسية نحو السواحل الأوروبية.

إعلان رسمي وبرنامج

أعلن وزير الداخلية المكلف بحكومة الوحدة الوطنية عماد الطرابلسي انطلاق البرنامج، موضحاً أن ليبيا تتحمل أعباءً متزايدة بسبب الهجرة غير النظامية التي ألحقت أضراراً واسعة بالدولة وبجيرانها وحتى بالدول الأوروبية التي تستقبل قسماً من المهاجرين الذين يعبرون الأراضي الليبية، وقدر الطرابلسي عدد المهاجرين الموجودين في ليبيا بنحو ثلاثة ملايين مهاجر، محذراً من أن استمرار هذا الوضع سيضاعف التحديات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية.

تشير وزارة الداخلية إلى أن وتيرة الترحيل اليومية تأتي في إطار استراتيجية تهدف إلى تخفيف الضغط على مراكز الاحتجاز وضبط الحدود الجنوبية والشمالية التي تشهد نشاطاً واسعاً لشبكات التهريب العابرة للحدود، وتؤكد أن البرنامج الوطني للترحيل لن يكون إجراءً طارئاً أو قصير المدى، بل خطوة أولى في مسار طويل تسعى من خلاله الحكومة إلى إعادة بناء منظومة الهجرة وضمان إدارة أكثر صرامة لهذا الملف الشائك.

توازن بين القانون والإنسانية

ورغم تأكيدات السلطات مراعاة الجوانب الإنسانية في عمليات الترحيل، تبقى التساؤلات قائمة حول أوضاع المهاجرين داخل مراكز الاحتجاز ومدى قدرتهم على الوصول إلى الدعم القانوني والطبي قبل إعادتهم إلى بلدانهم، ويخشى بعض المراقبين أن يؤدي تسريع وتيرة الترحيل إلى حدوث فجوات في المعايير الإنسانية، في حين ترى الحكومة أن استمرار الفوضى المرتبطة بالهجرة غير النظامية سيؤدي إلى تهديد الاستقرار الداخلي.

تحولت ليبيا منذ عام 2011 إلى إحدى أبرز نقاط العبور نحو أوروبا بسبب موقعها الجغرافي الواسع وحدودها المفتوحة مع دول الساحل والصحراء، ومع تراجع قدرات مؤسسات الدولة وتفشي الفوضى الأمنية أصبحت البلاد مركزاً رئيسياً لشبكات تهريب البشر التي تستغل المهاجرين الباحثين عن فرص اقتصادية أو الهاربين من الصراعات.

ووفق تقارير دولية يراوح عدد المهاجرين المقيمين في ليبيا بين 700 ألف و3 ملايين شخص بينهم آلاف عالقون في مراكز احتجاز تفتقر في معظمها إلى الخدمات الأساسية، وتدفع الضغوط الأوروبية باتجاه تشديد الرقابة على الحدود الليبية وإبرام اتفاقات تعاون للحد من تدفقات المهاجرين، في حين تواجه ليبيا تحديات أمنية داخلية تجعل ملف الهجرة واحداً من أكثر الملفات تعقيداً وحساسية في المشهد الليبي الراهن.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية